لماذا الأحناف قالوا أنّ الخمر هو عصير العنب دون غيره ؟
صفحة 1 من اصل 1
لماذا الأحناف قالوا أنّ الخمر هو عصير العنب دون غيره ؟
لم أحقق القول الصحيح الثابت عن أبي حنيفة، ولكن اشتهر عنه أنّه خص الخمر بالعنب والحبوب ونبيذ الزبيب، وأنّ من أتلف غيرها يضمن، وأبو حنيفة وبعض أشباهه هم الذين لا يحسن الظن بهم في فتاواهم، بخلاف الآخرين، ومع ذلك فكلهم وقعوا في الجهل، إمّا بعدم وصول الأحاديث أو بفهم غيرها غلطا أو تأثير الوضع اللغوي عليهم، أو الاستشهاد بآثار ضعيفة في تعريف الخمر أو رد أحاديث الآحاد، فيقولون : الخمر في اللغة للعنب خاصة، في لغة يمانية، وقول الشاعر:
ونازَعَنِي بِها إخْوَانُ صِدْقٍ ... شِوَاءَ الطَّيْرِ والعِنَبَ الحَقِينا
أي: ألحقني بي الخمر ...
وبعضهم يروي أحاديث وآثار ضعيفة كالخبر المرسل (الخمر من العنب)، وبعضهم يقول الإجماع متوقف على العنب ...إلخ
لكن أكثر الحنفيين خالفوا أبا حنيفة في قوله، وابن حزم عندما أورد قول أبي حنيفة خاصة أتبعه بالقول: لا نعلم له حجة لا من قرآن ولا من سنة ولا رواية ضعيفة ولا دليل إجماع ولا قول صاحب ولا رأي ولا قياس فسقط ولله الحمد، وابن حزم يراعي الدقة في مناقشة المخالفين، وينظر في ذلك إلى نوعية الدعاوى، ونوعية المستنتدات التي يستند إليها صاحب هذه الدعاوى، من عالم متأوّل، أو جاهل غبي أو معاند، وكان ابن حزم يعرف كثيرا من خباثة أبي حنيفة ومع ذلك فكان يتعاطف معه، وكان ابن حزم يتوسع في العذر بالتأوّل والجهل في الشرائع، وهذا من جهل ابن حزم، خاصة أنّه كان يصحح بعض الآثار عن الصحابة والتابعين فيها بلاوٍ، فيقول في عقله : إذا فلان فعل فلا ضير على فلان الذي جاء بعده إلا الشدة وقساوة ابن حزم ومسحه بالبلاط، وهناك سبب آخر وهو أنّ ابن حزم كان يتهم بالجهل بأقوال العلماء بحسب أتباعهم فيسردها فسرد معهم أبا حنيفة مع علم ابن حزم أنّه جاهل ومتناقض ومعاند ... بل أورد له أقوالا لا شك أنّه كافر بها ...
قال ابن حزم: (( فأول فساد هذه الاقوال انها كلها أقوال ليس في القرآن شيء يوافقها ولا في شيء من السنن، ولا في شيء من الروايات الضعيفة، ولا عن أحد من الصحابة رضى الله عنهم ولا صحيح ولا غير صحيح، ولا عن أحد من التابعين ولاعن أحد من خلق الله تعالى قبل أبى حنيفة ولا أحد قبل أبى يوسف في تحديده عشرة الأيام فيا لعظيم مصيبة هؤلاء القوم في انفسهم إذ يشرعون الشرائع في الايجاب والتحريم والتحليل من ذوات انفسهم ثم بأسخف قول وابعده عن المعقول .
وهناك حديث صحيح وقد تعلق به بعض الأفاضل (الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة) قال ابن حزم: فأوجب أنّ الخمر منها ولم يمنع ان تكون الخمر أيضا من غيرهما إن ورد بذلك نص صحيح، قلت: يقصد ابن حزم أنّ المسلم يأخذ بالزائد (كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام) ومن ضمنهما خمر النخلة والعنبة .
قلت: {وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }النحل67 نسخ اتخاذ السكر، وبقي الرزق الحسن على الإباحة، فهذه الآية كلها محكمة إلا جملة (تتخذون منه سكرا) .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى